mohamednasr vip
عدد الرسائل : 387 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 31/10/2007
| موضوع: رسالة إلي الرئيس الأمريكي! الخميس يناير 10, 2008 4:55 pm | |
| رسالة إلي الرئيس الأمريكي! عزيزي الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش.. أسمح لنفسي أن أكتب لك مشاعري كمواطن مصري ينتمي إلي أمة عريقة هي أمة العرب التي اشتهر عنها كرم الضيافة وحسن الحفاوة بالضيف حتي لو كان هذا الضيف عدوا أو خصما ظالما, ليس في سجل تعامله معنا سوي التهديد والوعيد والغزو والتشريد سواء بشكل مباشر, كما هو الحال في العراق, أو بشكل غير مباشر في دعم آلة الحرب العدوانية لإسرائيل وتشجيعها علي الدوس بأقدامها فوق بنود القانون الدولي ومقررات الشرعية الدولية.
أكتب إليك منبها ـ ولست ناصحا ـ فمثلي لايملك حق النصيحة لك ولكن واجبي أن أدق بعض أجراس التنبيه ربما تساعد علي تصحيح الصورة المشوهة التي رسموها لك في واشنطون حول القضية الفلسطينية لحساب ذلك اللوبي الرهيب الذي يسيطر علي كل أدوات مطبخ صناعة القرار في واشنطون.
بودي أن تدرك يا رئيس أكبر دولة في العالم استنادا إلي دروس التاريخ, والذي هو خير معلم, أن دوام الحال من المحال وأن التاريخ مليء بحكايات وروايات عن امبراطوريات ودول استعمارية عديدة تمكنت من السيطرة علي أمم وشعوب شتي ثم اندثرت ولم يبق لها أثر قط مثل الامبراطورية الرومانية والامبراطورية الفارسية, والرايخ الألماني الثالث والامبراطورية البريطانية التي لم تكن تغيب عنها الشمس والامبراطورية السوفيتية, ناهيك عن النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا والعنصرية في روديسيا والبرتغال ونظام الفصل العنصري والأبارتايد في جنوب إفريقيا.
وفي اعتقادي ـ وكم أتمني أن تشاركني هذا الاعتقاد ـ أن مصير الاستعمار الاستيطاني اليهودي لن يختلف كثيرا عن مصير النظم الاستعمارية الاستيطانية علي طول التاريخ, ولن ينقذ إسرائيل من هذا المصير المحتوم سوي حسن قراءة الأمور واستيعاب دروس التاريخ واغتنام الفرصة التاريخية للتعايش الآمن مع جيرانها بعيدا عن أوهام الهيمنة والتوسع والاستعلاء!
إن الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمي ينبغي لها ألا تستسلم لأفكار مغلوطة يرددها بعض الحمقي ممن يجهلون قواعد إدارة الصراعات ويتناسون أن التاريخ البشري مليء بالصراعات التي قادت إلي تسويات فرضت علي دولة أو أمة بسبب إلحاق الهزيمة بها, ولكن سرعان ما انهارت مثل هذه التسويات عندما استعادت الدولة المهزومة أو الأمة المقهورة قوتها وعافيتها.. وفي التاريخ أمثلة ونماذج عديدة, أبرزها تلك التسوية الإذعانية التي فرضت علي ألمانيا في مؤتمر فرساي بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولي وأدت بالتالي إلي نشوب الحرب العالمية الثانية بعد20 عاما فقط!
إن القوة التي تملكها أطراف الصراع في أي نزاع ومتغيرات الأوضاع الإقليمية والدولية قد تفرض ـ مرحليا ـ حتمية البحث عما هو ممكن ومتاح في ظل الظروف القائمة والإمكانات المتوافرة, ولكن ذلك لايعني القبول الأعمي والنهائي بالأمر الواقع.. والتحليل العلمي لأي صراع ينبغي أن يأخذ في الاعتبار معطيات الحاضر ودروس الماضي واحتمالات المستقبل من أجل تفادي الخضوع لإرادة الخصوم والأعداء.
وينبغي ألا يغيب عنك أيها الرئيس أن الصراع يعني تصادم الإرادات وما يحمله من قيم وأفكار ومصالح وقوي مادية ومن ثم فإن الحروب والاشتباكات العسكرية ليست سوي مظهر محدود من مظاهر الصراع فهناك التصادم علي مستوي المصالح والعقيدة والفكر والقيم والمبادئ والقانون الدولي.
ولو أننا أخذنا الصراع العربي ـ الإسرائيلي نموذجا لأصعب وأشرس التحديات التي تواجه أمتنا العربية منذ قرن من الزمان فإن بإمكانك أن تراجع الجذور التاريخية التي تبدأ من حقبة الحروب الصليبية والرواسب التي خلفتها فترة الاستعمار الأوروبي لأغلب الدول العربية وتزامن ذلك مع ظهور الصهيونية وبلورتها كحركة سياسية عالمية منظمة نجحت في صنع روابط وثيقة بمصالح الدول الاستعمارية في الوطن العربي... وهكذا نشأ تزاوج المصالح بين الصهيونية اليهودية والعلمانية الغربية رغم العداء التاريخي بين الطرفين اللذين التقيا علي مصلحة مشتركة في اقتسام حقوق وثروات المنطقة ومحاولة التأثير في عقائد وأفكار شعوبها والسعي لإحداث ارتباك في سياساتها... ولكنه في اعتقادنا تزاوج باطل ولا يمكن له أن يدوم!
ليتك يا سيادة الرئيس تتذكر أنه عندما طالبت الصهيونية بدعم من الاستعمار العالمي بتأسيس دولة لليهود في فلسطين العربية فإنها انطلقت من الخرافات والأكاذيب والأطماع التوراتية والتلمودية كأسطورة أرض الميعاد والحق التاريخي المزعوم لليهود في فلسطين واعتبار اليهودية قومية والزعم بالتخلص من الاضطهاد الذي عاناه اليهود في أوروبا علي حساب وطن وحقوق الشعب العربي الفلسطيني.. رغم أن أرض فلسطين أرض عربية منذ بدء التاريخ, سكنتها القبائل الكنعانية العربية منذ العصر الحجري وجاء اليهود إليها فيما بعد وخرجوا منها.. ثم إن الزعم الصهيوني بأن فلسطين هي أرض الميعاد زعم يهودي له الطابع الديني.. والديني ليس مصدرا من مصادر القانون الدولي.
إنني أعرف أنهم قد سلحوك بملفات كثيرة محشوة بمئات الأكاذيب وفي مقدمتها أكذوبة الحق التاريخي التي روجت لها الحركة الصهيونية لتبرير استيلائها علي كامل فلسطين العربية, والحق التاريخي في القانون الدولي هو الحق الذي اكتسب نتيجة تقادم الزمن علي ممارسته واستعماله فترة طويلة ومستمرة يجعل منه حقا تاريخيا.
إن اليهود يا سيادة الرئيس الأمريكي لم يكونوا أول من سكن فلسطين العربية وإنما هم غرباء عنها دخلاء عليها وانتهي كيانهم فيها منذ أن احتلها الرومان واعتنق سكانها العرب المسيحية ولم يغير ذلك من طابعها العربي الذي ازداد رسوخا بعد دخول الإسلام واحتفظت به بعد الانتصارات العربية في القرن السابع وانقطعت نهائيا صلة اليهود بفلسطين واستقروا في المدن التجارية في أوروبا بحثا عن المال وبذلك توافرت لدي اليهود أسباب فقدان الإقليم بسبب الترك والتقادم في القانون الدولي... وأهم من ذلك كله أن جذور معظم يهود اليوم تعود إلي مملكة الخزر التي اعتنق مليكها اليهودية فاعتنقت رعيته دين مليكها الجديد وبالتالي ليس ليهود اليوم صلة بقدامي اليهود.
إنني أحتكم إلي ضميرك بسؤال صريح هو: لقد تذرع الصهاينة بالاضطهاد الذي عاناه اليهود في أوروبا.. فهل يجوز القضاء علي اضطهاد اليهود باضطهاد اليهود للعرب في وطنهم العربي؟.. وأيضا هل يحق لليهود اضطهاد الشعب العربي ـ الفلسطيني لحل مسألة اضطهادهم؟
إن أمريكا التي ترفع راية حقوق الإنسان أول من يعلم أن مبادئ القانون الدولي والتفكير العلمي والشعور الإنساني وجميع العهود والمواثيق الدولية لاتقر أبدا إزالة اضطهاد اليهود باضطهاد اليهود للعرب... ثم إن العاطفة الدينية والعاطفة الإنسانية الصادرة عن الاضطهاد الذي عاناه اليهود في أوروبا لاتشكل سببا قانونيا لتأسيس دولة لليهود في فلسطين وطرد وتهجير الفلسطينيين والسعي لتوطينهم في دول أخري, فالقانون الدولي لاينطلق في تأسيس الدول من أسباب دينية أو إنسانية.
لعلي أكون أكثر صراحة وأكاشفك برد واضح حول أكذوبة الرفض العربي لقرار التقسيم الظالم والجائر وأقول لك بصدق إن الأمة العربية لم تبرر رفضها لتقسيم فلسطين عام1947 من أرضية العداء لليهود أو الكراهية لهم, كما كان الحال في أوروبا, ولكن لاعتبارات تاريخية وقومية ودينية واقتصادية وقانونية وجغرافية.. ثم لأن قرار التقسيم جاء نتيجة تخطيط وتنسيق وتعاون استعماري ـ صهيوني للقضاء علي عروبة فلسطين.
ليس ذنب العرب والفلسطينيين أن اليهودية العالمية نجحت في تكريس عقدة الذنب وتأنيب الضمير لدي الشعوب والدول الأوروبية لتخليد ابتزازها وممارسة الضغط عليها لدفع الأموال الطائلة لإسرائيل والمنظمات اليهودية العالمية ولكل يهودي من أصل أوروبي شرقي في العالم.. ولاشك في أن تأييد الولايات المتحدة الأمريكية وسكوت وصمت أغلب البلدان الأوروبية علي إشعال إسرائيل للحروب العدوانية وممارسة الإرهاب والعنصرية والإبادة كسياسة رسمية وتأييدهم للهجرة اليهودية يزيد الامبريالية الإسرائيلية من تصلبها وتعنتها وتمسكها باستخدام القوة والتهديد باستخدامها في التعامل الإقليمي والدولي.
لقد تبنيتم ومعكم أوروبا لسنوات طويله مزاعم وأكاذيب إسرائيل واليهودية العالمية حول عدد اليهود الذين أبادتهم ألمانيا النازية وأسدلوا ستارا كثيفا علي التعاون بين ألمانيا النازية والوكالة اليهودية في فلسطين لتنظيف ألمانيا وأوروبا من اليهود وترحيلهم سرا إلي فلسطين بمساعدة ألمانيا النازية ومؤسساتها.. وبشكل خاص الجستابو ووزارتا الاقتصاد والخارجية الألمانيتان.. واليوم فإنكم عبر كل المنابر الإعلامية والسياسية تسمحون لإسرائيل والصهيونية العالمية بإثارة الحقد والكراهية للعرب والمسلمين وتشويه سمعتهم ومكانتهم وحقيقة مواقفهم وتركزون علي بث ثلاث أفكار لزرع معاداة العرب في الدول الغربية وهي فكرة اليهودي المضطهد الذي يبحث عن وطن آبائه وأجداده ليأوي إليه ويعيش بسلام... وفكرة العربي المتخلف والمذنب والمعتدي والإرهابي.. وتغذية نزعة معاداة الغرب للعرب والمسلمين بالتوظيف الخبيث وغير الأمين لأحداث الحادي عشر من سبتمبر عام2001.
أريد أن أقول لك يا رئيس أكبر دولة في العالم إن تاريخ فلسطين في المائة سنة الأخيرة ليس سوي سلسلة متصلة من الحلقات لفرض الإمبريالية الإسرائيلية علي البلدان العربية بدءا من هجرة اليهود إليها وترحيل العرب منها وترسيخ الاستعمار الاستيطاني وحتي ممارسة الهولوكوست ومحاولة تركيع القيادة الفلسطينية وإجبارها علي توقيع العديد من اتفاقيات الإذعان حتي أضحي الفلسطينيون في داخل وطنهم مواطنين من الدرجة الثالثة محرومين من أرضهم وحقوقهم القومية ولايستطيع اللاجئ منهم العودة إلي منزله وأرضه.
لقد تبنت أمريكا حق عودة اللاجئين لديارهم في كل دول العالم ماعدا فلسطين, حيث توافق واشنطون علي تبرير الإسرائيليين... ورفضهم لحق العودة بدعوي أنه يعني انتحارا وبالتالي يبررون سرقة واغتصاب الأراضي والممتلكات والثروات والحقوق العربية, أي أنهم يبررون الاستعمار الاستيطاني ويصبغون علي عدوانية ووحشية إسرائيل أكذوبة الدفاع عن النفس في مواجهة الإرهاب العربي, أي مواجهة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والإمبريالية الإسرائيلية.
هل يرضيك ويرضي ضميرك أن يبرر الإسرائيليون ذبحهم للأطفال والشباب في فلسطين أمام أعين أمهاتهم وآبائهم وذبح الآباء العرب أمام زوجاتهم وأطفالهم بدعوي تصفية المخربين والإرهابيين العرب؟
إن من غير المقبول أن تجاري أمريكا ذلك وأن تشارك صراحة في اللعب علي معزوفة الأمن الإسرائيلي والحدود الآمنة لتبرير الاستعمار الاستيطاني الذي يشكل جوهر السياسة الإسرائيلية والقاسم المشترك بين جميع الأحزاب الإسرائيلية والشعب الإسرائيلي والحكومات الإسرائيلية كافة.
ثم ما رأيك يا رئيس أكبر دولة في العالم أنه رغم اعتراف العالم بأسره بمبدأ عدم استخدام القوة أو التهديد باستخدامها وعدم شرعية الاستيلاء علي أراضي الغير بالقوة العسكرية في العلاقات الدولية فإن إسرائيل لاتعترف إلا بشريعة الغاب وبوضع القوة فوق الحق!
وفي الحقيقة, فإنني لا أطلب منك ما أعرف أنك لاتستطيع أن تفعله حتي لو توافرت لديك الرغبة في ذلك لكي تجنب نفسك مخاطر حملات التشويه التي يتعرض لها كل من يقف في وجه المطامع الإسرائيلية... ولكن كل ما أطلبه منك ومن طاقم معاونيك أن تعيدوا قراءة جذور هذا الصراع الرهيب الذي يقف وراء كل أزمات ومشاكل المنطقة والتي تلقي بظلالها علي أمن واستقرار العالم كله.
وليس يخالجني شك في أنك في لحظة حساب ومراجعة للضمير سوف تتفق معنا في أن الصورة المشوهة والمقلوبة حول هذا الصراع لايمكن لها أن تخفي أنه صراع بين الحق والباطل مثلما هو صراع بين قوة السلاح وقوة الشرعية.
والتاريخ يعلمنا كل يوم أنه مهما طال الزمن فإن الانتصار في النهاية للحق وللشرعية.
إنني أتمني عليك قبل أن تغادر البيت الأبيض نهاية العام الحالي أن تعيد قطار السياسة الأمريكية إلي مساره الصحيح في منطقة الشرق الأوسط وأن تستمع للنصائح السديدة التي وردت في تقرير بيكر هاملتون وأهم هذه النصائح هو سرعة اليقين بأن خيار الحوار أفضل كثيرا من خيار الإجبار وأن علي واشنطون أن تعيد النظر في مجمل سياستها في المنطقة.
أريد أن أكون صريحا معك وأقول بكل الصدق إن النزعات المتشددة التي تبناها المحافظون الجدد وصقور البنتاجون المحيطون بك لترسيخ سياسة الحسم العسكري هي التي أضرت بمصداقية الولايات المتحدة في المنطقة, خصوصا أن المحصلة النهائية لسياسات القوة المفرطة لم تصنع سلاما ولم تفرض استقرارا ولم تنشر تلك الديمقراطية المزعومة.
وليس عيبا يا رئيس أكبر دولة في العالم أن تملك شجاعة الاعتراف بأن مجمل السياسات الأمريكية في المنطقة قد ثبت فشلها واتضح علي أرض الواقع عدم صحتها وبالتالي فقد بات التراجع عنها خيارا حتميا في حسابات قوة عظمي في حجم ووزن الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي النهاية أقول لك إن كل ما صدر عن أمريكا تحت رئاستك من سياسات ولافتات وشعارات باسم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان لم يكن تعبيرا عن تحول حقيقي وصادق في منطلقات السياسة الأمريكية وإنما كان ـ كما رأينا ـ مجرد آليات للضغط علي دول المنطقة لكي تظل رهينة للابتزاز الإسرائيلي من ناحية, ومفتقرة إلي القدرة اللازمة لمقاومة مخططات الرغبة في رسم خريطة جديدة للمنطقة تلبي استحقاقات الأجندة الامبراطورية التي حدد المحافظون الجدد بنودها وتوقيتاتها ـ متوهمين أن القوة العسكرية يمكن أن تفرض علي شعوبنا الإستسلام لأوهام القدرة علي نزع الهويه واستبدال ثقافة العولمة لتحل مكان الموروث الثقافي والتاريخي للمنطقة. .. وفي النهاية أهلا وسهلا بك في بلادنا, فتلك هي ثقافة الشهامة والأصالة العربية التي تختلف كثيرا عن ثقافة الكاوبوي الأمريكية!
| |
|